Monday, October 12, 2009

You Can Let Go Now Daddy .........

............ذكريات ثلاث شهور

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


توفي ايى منذ ثلاث شهور...........و لا ادرى لماذا اشعر و كأنه حي يدور بيننا....

ربما لانى افتقده او ربما هو حقا حي عند ربه يرزق...........

ذكرياتى فى الثلاث شهور الماضية من الممكن استخلاص كتب و مؤلفات عديدة منها..........منها المضحك و منها الحزين و منها ما كان يشعرنى حقا بأن ابى رحل و تركنى وحيدة...........

بداية من يوم استقبال جثمانه فى المطار حتى مواقف الموظفين فى المصالح الحكومية " أعانهم الله على الفطار و شرب الشاى"....



الترابط و الاخوة الحقيقية

اول يوم اشعر بمعنى الاخوة كان يوم وفاة والدى.........سواء كان من اصدقاء العائلة او من اصدقائي او اصدقاء اخوتى.......

مساندة يجزيهم الله عليها كل خير........ربما كان رزق و تثبيت من الله.......و ربما كان نتاج لخلق ابى الطيب...........لم اكن اهتم بالسبب حينها و لكن كل اهتمامى كان بمشاركتهم لنا الحدث...........

هذا بالتأكيد لا يمنع وجود بعض المشاركين فى الحدث لمجرد تكدير صفو يومنا و و تأكيد كل معانى الجهل و الرجعية فى العزاء........

بدء يوم الثلاثاء 14-7-2009 بخبر وفاة ابى الساعة الرابعة فجرا.......و كان ابى يتم علاجه فى المانيا و كان قد امضي حوالى اسبوعين فقط هناك.....و كان برفقته امى و اخى الاكبر...........

تمنيت كثيرا و ان اذهب لأراه.و لكن....ليس كل ما يتمناه المرء يدركه....

كان و لله الحمد راض تمام الرضا و كان دائم الحمد و الشكر طوال فترة مرضه و التى امتدت حوالى 5 اشهر من يوم 15-2-2009 حتى يوم 14-7-2009 و كان دائم القول بان مرضه هذا نتاج تقصيره و ليس نقمة من الله عز و جل........و سبحان الله أبي كان من اكثر المحافظين على صحتهم.....رغم انه بلغ من العمر 66 سنة الا انه كان يلاعب اصدقاء اخوتى من الشباب كرة القدم و يهزمهم دائما .....كان دائم الحفاظ على رياضته و على اكله الصحي......و لكن قدر الله قد ان


اخبرتني بالخبر زوجة اخى.........و كانت شديدة التأثر و كانت تخشي من إخبارى بالحدث..........و لكنى حطمت توقعاتها ....لاننى ظللت صامته طوال نهار الثلاثاء......

بمجرد معرفة الخبر و انتشاره.....وجدت كل اخواتنا فى بيتنا......اعزهم الله و اكرمهم.......من تساعدنا فى تجهيز البيت و ترتيبه لحضورهم و من تستقبل معنا الضيوف.....و كلهم قد مدوا يد المساعدة..........

شعرت حينها بمعنى الاخوة....و لاول مرة ألمس معني الاخوة و الحب فى الله فى ارض الواقع........

وعند استقبال " أبى" و امى و اخى فى المطار......و هذا بالطبع كان بعد يومين من الوفاة.....نتيجة لإجراءات السفارة المصرية بألمانيا العقيمة..........

كنت قد استعدت انا و اخوتى و ازواجهم و زوجاتهم للذهاب للمطار و هذا لم يكن من عادتنا....و لكن الموقف كان يتطلب ذلك....

تفاجأت بالمطار بوجود العديد و العديد من اخواننا و زوجاتهم لاستقبال ابى فى المطار منهم من زملائه بالعمل و منهم جيراننا فى مسكننا القديم........و حقا عندما رأيتهم شعرت بسعادة جميلة....... و الله جزاهم الله خيرا كثيرا....لانهم قاموا بالعديد من الاعمال التى لم تكن فى تفكيرنا و كانت شديدة الاهمية......جزاهم الله خيرا كثيرا

و مساندة اخوان ابى لنا فى العزاء و الدفن....و اخوان اخوتى.....و الله حقا شعورا لا وصف له.........



العزاء ........و اتيكيت العزاء



كان عزاء ابى هو ثاني عزاء احضره بحياتى كلها ....فبالطبع لم يكن لدى من الخلفيات عن العزاء و اتيكيته.......

كان هناك من يأتى حقا لمواستنا....و هناك من لم يصدق الخبر فجاء ليتأكد بنفسه............و هناك صنف اخر " اللى جايين مخصوص علشان يشوفوا احنا عاملين ازاى و يروحوا يحكوا للباقي....هل يا ترى فى حد فينا مغمى عليه و الناس بتفوقه ولا فى حد انتحر ولا لسه...........يعني جايين عايزين يعرفوا القصة من اولها لأخرها.....و طبعا دول لا كان عاجبهم لبسنا ولا عاجبهم تصرفاتنا"

أبى كان يكره اللون الاسود و بشدة...فقررت يوم العزاء الا ارتدي اللون الاسود ....بالرغم من انى اعشقه و كل الالوان الداكنة.......المهم

غلطة عمرى انى ارتديت حجابا فاتح اللون يميل الى اللون الابيض.....و اكبر غلطة انى ذهبت بهذا الزي الى البلد..........طبعا فى نظر اهل البلد " انا الوحشة اللى مش زعلانه على ابوها.....اخس عليا صحيح انا ليه ماكنتش بولول و ارمى نفسي من البلكونة"

فى البلد كان العزاء غير..........

تأتى الناس من كل حدب و صوب لانهم حقا كانوا يحبون ابى.....و لكن كانوا ينتظرون ان يروا زوجته و اولاده و هم يحملون على نقالات من كثرة الاعياء......سامحهم الله........و لما لم يجدوا ذلك اصبحوا يهمسون ويتحدثون فى اذن بعضهم البعض......

و انتهى و لله الحمد ثلاث ايام العزاء بالبلد على خير.......

و انتهت بزيارتنا لابى فى القبور........و كانت هذه ثاني مرة ايضا فى حياتى اذهب بها للقبور......


شعور غريب .....و نهاية لمرحلة....و بداية مرحلة جديدة



المصالح الحكومية



الجزء ده ماينفعش يتكتب بالعربية الفصحي لانه بصراحة هيبقي ظلم ليه......

بدأت رحلتنا فى الأوبئة الحكومية من اول استخراج شهادة الوفاة........و كانت برده اول مرة فى حياتى اتعامل مع الاشكال الضالة اللى مالية الشوارع........رشاوى ايه و شتايم ايه و سفلئة ايه و قلة زوق و ادب يعنى من ابو بلاش.........حاجة رهيبة

بدات الرحلة من قسم الاحوال المدنية بالعباسية....لانه ليه و ليه ...والدى توفي بالمانيا......لازم اول خطوة اننا نترجم شهادة الوفاة...و يعد كده يطبعولنا نسخة واحدة فقط لا غير من الشهادة و احنا بقي نموت نفسنا و نقطع الورقة دى على المصالح الحكومية........و يا استاذ مش هيطلع نسخ تانية غير كمان عشر ايام.......

و طبعا انتوا عارفين النهاية ان الشهادة اللى بالكمبيوتر ماطلعتش الا بدموع عنينا اللى سقت اراضي مصر من اكتوبر للعباسية رحلة يومية.....

و احنا طبعا كنا متخيلين ان هى دى اصعب حاجة ممكن تقابلنا و ان دول اوحش ناس ممكن نقابلهم....بس اتضح ان دول ارق و الطف ناس قابلناهم فى حياتنا و اكتر ناس بتحب تخدم و بتادى عملها بإتقان...

تانى مرحلة كانت عمل قرار وصاية امى عليا....بما انى لسه قاصر ولا يستحق ان يولد من لم يتم ال 21 من عمره......كان المفروض ابويا وامى يوئدونى و يريحوا نفسهم و خلاص.........

و لازم نثبت ان جدى متوفى و جدى اصلا متوفى قبل ولادتى بشهرين...يعنى ماعرفلوش شهادة وفاة......

و الله المناظر اللى شفتها فى محكمة الاسرة ....فعلا مناظر تشيب.......و الله حسبي الله و نعم الوكيل فى كل موظف مقصر فى شغله وبيذل الناس بالمنظر ده....." لأنه لسه مافطرش و لسه يا مادام ماشربناش الشاي"

الامهات يعينى فعلا متبهدلين و مذلولين للى يسوى و اللى مايسواش....اللى بتيجي علشان تصرف مثلا 200 جنية علشان مصاريف مدارس ولادها....و تتذل علشان تاخد اذن بالصرف و بعد كده تروح البنك تاخد موافقة على الصرف و تاخد بقي الملايين اللى هى كانت عايزة تصرفها و تجيب بيها بونبونى و لبان و ترمي ولادها فى الشارع للخطافين...

اكتشفت ساعتها نظرية حلوة قوى.....ان اللى عايز يمشي فى البلد دى لازم يبقي فى جيبه عشرات و خمسات و عشرينات....كل على حسب مقامه......و اللى عايز يسلك اكتر و اكتر مايرحش فى حتة الا و معاه محامى.....


طبعا غير قرار الوصاية اعلام الوراثة و المعاشات و الهلمة الجره دى كلها......

الخلاصة....انى تيقنت ان البلد دى خربانة بشكل رهيب و محتاجة اصلاح من الاعماق....




وجهة نظر ابى صحيحة 100%



ابى كان دائم القول بأن " بلدنا اولى بينا لو مش احنا اللى صلحناها مين هيصلحها....و لو كلنا مشينا و سيبناها مين اللى يهقعدلها" و الله كان عنده حق...

كان ابى فتى ولد بقرية طبله _ محافة المنوفية

كان اكبر اخوته.....اكمل دراسته دونا عن كل اخوته....و مجموعه فى الثانوية العامة كان يسمح له بدخول اى كلية ....و لكنه قرر ان يدخل كلية العلوم و يتخصص فى قسم الكيمياء الفيزيائية......

تفوق فى دراسته....كان الاول على دفعته طوال الاربعة سنوات........كان يحكى لى دائما أنه لم يفوت اى محاضرة الا محاضرة واحدة...كان فى وقتها درجة حرارتة تقريبا 41 و ذهب للمحاضرة و لكنه استلقي فى اخر بنج و استمع للمحاضرة دون تركيز......

عسي ان تكون فى ميزان حسناته....اللهم أمين

حصل على الدكتوراة فى جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة....ووقتها عرض عليه لانه ذو عقلية نادرة العمل بشركة جنرال موتورز بمرتب مغري جدا....و لكنه رفض....

أتعلمون لماذا رفض؟؟؟؟

حينها قال لأمى " بلدنا مليانا شباب كتير محتاجين اننا نكون جمبهم اكتر من اننا نبعت لهم فلوس....و بلدنا اولى بعلمنا ده"

كان ابى كثير السفر و لكن للحصول على كل ما هو جديد فى العلم و ليس هجرة من البلد و لا كرها لها.....كان دائم القول

" بلادى و ان جارت على عزيزة....وأهلى و ان ضنوا على كرام"

كان شديد التفائل بالنشئ الجديد....كان شديد الاهتمام بالاطفال ثم يليهم الشباب....لانه يعلم جيد انهم هم المستقبل.....أكاد اجزم ان ابى لم يخطئ حتى و لو القليل فى وسائل تربيتنا انا و اخوتى...


لهذا لقد اقتنعت بأن بلدنا اولى بنا من غيرنا.......فلذلك علينا اصلاحها